{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)}اعلم أنه تعالى أقسم بالليل الذي يأوي فيه كل حيوان إلى مأواه ويسكن الخلق عن الاضطراب ويغشاهم النوم الذي جعله الله راحة لأبدانهم وغذاء لأرواحهم، ثم أقسم بالنهار إذا تجلى، لأن النهار إذا جاء انكشف بضوئه ما كان في الدنيا من الظلمة، وجاء الوقت الذي يتحرك فيه الناس لمعاشهم وتتحرك الطير من أوكارها والهوام من مكامنها، فلو كان الدهر كله ليلاً لتعذر المعاش ولو كان كله نهاراً لبطلت الراحة، لكن المصلحة كانت في تعاقبهما على ما قال سبحانه: {وَهُوَ الذي جَعَلَ اليل والنهار خِلْفَةً} [الفرقان: 62]، {وسخر لكم الليل والنهار} [إبراهيم: 33] أما قوله: {واليل إِذَا يغشى} فاعلم أنه تعالى لم يذكر مفعول يغشى، فهو إما الشمس من قوله: {واليل إِذَا يغشاها} [الشمس: 4] وإما النهار من قوله: {يغشى الليل والنهار} [الرعد: 3] وإما كل شيء يواريه بظلامه من قوله: {إِذْا وَقَبَ} [الفلق: 3] وقوله: {والنهار إِذَا تجلى} أي ظهر بزوال ظلمة الليل، أو ظهر وانكشف بطلوع الشمس.